من القامشلي انطلقت المفرزة الأولى

2023-08-06

مثلما صدف أن أذاع الاتحاد الوطني الكردستاني بيانه التأسيسي الأول من الشام بتاريخ (١/٦/١٩٧٥)، كذلك إنطلقت المفرزة الأولى لمقاتليه من مدينة القامشلي بتاريخ (١/٦/١٩٧٦)، ومثلما لعب الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا دوره الفعال في دعم هذا الحزب الشقيق والوقوف إلى جانبه منذ تأسيسه، كذلك لعب دوره المؤثر في تقديم العون والمساعدة الممكنة في إشعال ثورته الجديدة وتقديم الكثير من التسهيلات اللازمة لإيواء عناصره وعبور مقاتليه مع أسلحتهم عبر الحدود، كما صدف أن يكون البيت الذي اجتمع فيه مام جلال في القامشلي مع المفرزة الأولى لمقاتلي البيشمركة قبل انطلاقتها نحو كردستان العراق للإعلان عن بدء الثورة الجديدة، هو بيت الشخصية الوطنية المعروفة خليل عبدي (صور)، الكادر المتقدم آنذاك في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، وهذا الحدث يعكس بمضمونه حجم الدعم الذي كان يقدمه هذا الحزب للاتحاد الوطني الكردستاني وثورته التي غيرت مسار الانتكاسة نحو المقاومة والانتصار، ويؤكد على الثقة المتبادلة بين هذين الحزبين الشقيقين...

لقد كان لكرد سوريا عموماً وللحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا خصوصاً، دوراً فعالاً ومؤثراً في دعم قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني، ومساندة الثورة الجديدة لشعبنا الكردي في كردستان العراق، في جميع المجالات السياسية والعسكرية، وكان الجندي المجهول (خليل عبدي)، واحداً من أولئك المناضلين الذين كانت بيوتهم مفتوحة أمام قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني وكوادره في مدينة القامشلي، وتقدم لهم الخدمات الممكنة، وفي هذا المجال يقول عبد الرزاق فيلي في لقاء له مع موقع (بيوكي ميديا)، مايلي: (لايمكن القفز على دور المواطنيين من كوادر الأحزاب الكوردية في سوريا في دعم المجهود الثوري للاتحاد الوطني الكوردستاني ولا أريد الأطالة في هذا الموضوع في هذه العجالة، ولكن لا يمكنني ان انسى ذكر طيبة الذكر أم شورش، زوجة المناضل خليل عبدي، التي انطلقت المفرزة الاولى من دارها في 1/6/1976..).

وفي هذا المجال يقول عادل مراد أيضاً في كتاب (الانطلاقة من طلیطلة الى بغداد)، حول كيفية تشكيل تلك المفرزة الأولى التي انطلقت من بيت (خليل صور)، في القامشلي: (لقد اختار قادة الاتحاد الوطني الكردستاني وضباطه في سوريا أربعون مقاتلاً من البيشمركة لتشكيل أول مفرزة بقيادة الشهيد إبراهيم عزو، وفيما بعد ذهبوا جميعاً إلى منطقة بهدينان للإعلان عن انطلاقة الثورة المسلحة، وسميت تلك المفرزة باسم مفرزة الدعاية المسلحة، وقبل الإعلان عن الخطة لهؤلاء المقاتلين الأربعين، وإرسالهم إلى كردستان العراق للقيام بتلك المهمة التي غيرت مسار الأحداث، تم دعوتهم في نهاية شهر آيار عام ١٩٧٦، إلى مدينة القامشلي، وبدلاً من اجتماعهم في مقر حزبهم، اجتمعوا في بيت الشخصية الكردية المعروفة في القامشلي، خليل عبدي صور..).

وحول تفاصيل تلك الحادثة التاريخية، يقول خليل عبدي بنفسه في اللقاء الذي أجراه معه الصحفي آياز هركي، والمنشور في جريدة كردستاني نوي، ما يلي: (بعد انتهاء التدريب العسكري لمجموعة من بيشمركة الاتحاد الوطني الكردستاني في الشام، بقيادة الشهيد إبراهيم عزو، طلب مني عبد الرزاق فيلي، المشرف على البيشمركة وتنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في القامشلي وفي منطقة الجزيرة، كي أقوم بتأمين مكان خاص لهم، لأن مام جلال سوف يحضر وسيجتمع بمجموعة بيشمركة كردستان، وبعد ذلك سوف يودعهم للذهاب إلى كردستان العراق، ولأنه لم يكن هناك مكاناً مناسباً لذلك أكثر من بيتي، فأرسلت زوجتي وأولادي إلى بيت ابن عمي لمدة أربعة أيام، وكان بيتي حينذاك في الحي الغربي في القامشلي، بالقرب من مقر ممثلية الاتحاد الوطني الكردستاني، وفي ٢٧/٥/١٩٧٦، اجتمع الرفيق مام جلال وأولئك القياديين الذين كانوا يرافقونه، في بيتي مع مجموعة بيشمركة الثورة الجديدة، بقيادة الشهيد إبراهيم عزو، وتحدث إليهم، وبحسبما أتذكر فقد شارك في هذا الاجتماع كل من عبد الرزاق فيلي والشهيد إبراهيم عزو أيضاً، بحضور ما يقارب الأربعين من عناصر البيشمركة المسلحين بالأسلحة الحديثة الجاهزين للإنطلاق في الأول من حزيران عام ١٩٧٦..).

وهكذا، يتابع خليل عبدي حديثه مع آياز هركي، ويقول بأنه استقبل مام جلال عند الظهيرة في بيته بتاريخ (٢٧/٥/١٩٧٦)، وبأنه جاء للاجتماع مع البيشمركة الذين كان بيته يعج بهم، ويقول بأن اجتماع مام جلال مع البيشمركة استمر حتى المساء، وذلك بهدف الإعداد لعودة الوجبة الأولى من البيشمركة إلى كردستان العراق بقيادة الشهيد إبراهيم عزو من أجل الإعلان عن الكفاح المسلح والبدء بالثورة الجديدة هناك، ويقول: (لقد مكث مام جلال تلك الليلة في بيتي، ومن ثم ذهب في اليوم التالي إلى مقر حزبه في القامشلي، بينما ظل عناصر البيشمركة في بيتي إلى يوم ١/٦/١٩٧٦، الذي كان يصادف الذكرى الأولى لتأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني، وبعد ذلك غادر الجميع بيتي، وبحسب معلوماتي فإنهم عبروا نهر دجلة إلى جزيرة بوتان في شمال كردستان باتجاه جنوبها..)، ويعبر خليل صور عن سعادته بهذا اللقاء التاريخي: (إنه بالنسبة لي فخر تاريخي أن تنطلق المجموعة الأولى لقوات بيشمركة كردستان الأساسية برئاسة مام جلال طالباني زعيم الثورة الجديدة للشعب الكردي، من بيتي للبدء بالثورة المسلحة في جنوب كردستان..).

لقد لعب مواطنو غرب كردستان، وخاصة رفاق الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، دوراً هاماً في دعم الاتحاد الوطني الكردستاني والوقوف إلى جانب ثورته الجديدة بقيادة مام جلال، وقدموا كل المساعدات الممكنة لكوادره ومناضليه ولعوائلهم التي لجأت إلى المناطق الكردية في سوريا على إثر اتفاقية الجزائر وانهيار الثورة الكردية عام (١٩٧٥)، وشكلت المناطق الكردية في سوريا عموماً، ومنطقة (القامشلي وديريك)، بشكل خاص، عمقاً استراتيجياً آمناً لمساندة الثورة الجديدة بقيادة مام جلال وعبور مقاتليها وأسلحتهم بأمان، مثلما ساعدت من قبل أيضاً ثورة أيلول بقيادة الملا مصطفى البارزاني، وكانت تربط مام جلال علاقات واسعة مع الفئات والشخصيات الوطنية في هذه المنطقة، ويقول عبد الرحمن يوسف ميراني، في لقاء له مع آياز هركي نشر في مجلة (نوێبونەوە)، ما يلي: (لقد التقيت أول مرة بمام جلال عندما زار قرية تل خنزير في منطقة كوجرا التابعة لمدينة ديريك، وكان يرافقه حينذاك نوشيروان مصطفى وتحسين بك أمير الإيزيديين وحسين بابا شيخ، وذلك من أجل تقديم واجب العزاء لعائلة نايف باشا الميراني، بوفاة ابنه عبد الكريم، الذي وافته المنية أواخر حزيران عام ١٩٧٦، ومن ثم تناولوا معاً طعام الغداء في بيت نايف باشا الميراني، واستقبل مام جلال والوفد المرافق له بحرارة من جانب أهالي تلك المنطقة..).

اقرأ أيضاً

أ.م.د. ژینۆ عبدالله

أهمية الرواية
Copyright © 2025 . PJT Foundation. All right reserved