عائلة بدر خان تفيض بالمفاخر الأكاديمية
حميد بدرخان: سطرتُ مأثرة تأريخية عظيمة
أنا مَـنْ سلمتُ الرئيس مام جلال الخريطة العثمانية التاريخية يوم المرافعة المشهود
ذلك اليوم التاريخي الذي أبهر فيه مام جلال العراقيين بعرض خريطة كردستان بكل بقاعها في فترة العثمانيين، تلك الخريطة التي رسمت حدود كردستان كلها بما فيها مدينة كركوك، إذ إن تلك الخريطة يعود زمنها إلى عهد السلطان عبد الحميد الثاني.
لقد رفع الرئيس جلال طالباني لأول مرة في التاسع من شباط ٢٠٠٤ خلال اجتماع مجلس الحكم الذي كان يدير الدولة العراقية حينها، خريطة كبيرة تعود للعهد العثماني وتضم أجزاء كردستان الأربعة، ثبّـت عبرها عائدية المناطق المشمولة بالمادة ١٤٠ كردستان الجنوبية، الأمر الذي بات وثيقة تأريخية بيد الكرد.
إن الذين تعاونوا في إيصال الخريطة ليد مام جلال ثلاثة، إثنان منهم فارقوا الحياة والآخر لا زال حيا يرزق. وتعود قصة الاحتفاظ بالخريطة وإبعادها عن الأنظار إلى ما قبل ١٠٠ عام، إذ كانت موجودة عند شخص عربي من أهالي مدينة الموصل قبل أن تشق طريقها إلى مام جلال.
حميد بدرخان شخصية كردية، هو الذي أوصل الخريطة وحائزها إلى مام جلال، ليقدم بذلك أرفع الجوائز لطالباني.
وللتاريخ يقول حميد بدر خان رئيس مؤسسة بدر خان الذي يعيش في ألمانيا حاليا "لقد زرتُ مدينة الموصل لأول مرة في العام ٢٠٠٣ بعد سقوط النظام البعثي، لزيارة أخي الذي يعيش هناك منذ العام ١٩٦٨، وصادف أن التقيتُ في ذات العام، وأنا عند أخي الأكبر ويدعى فارس أبو بكر، بشخص عربي واسمه أبو عمار جاء لتقديم تهاني العيد، وكشف الضيف أن عائلته (المعماري) تحتفظ منذ أكثر من ١٠٠ عام بخريطة عثمانية.
ويضيف حميد بدر خان إن "حديث الضيف استقطب اهتمامي وقلت في قرارة نفسي: يا ترى ما هي هذه الخريطة وكيف تكون؟ وسألته فعلا فقال: الخريطة عثمانية، ربما تحظى بأهمية لدى الكرد، لأنها تشير إلى كردستان وحدودها، ثم قال:" لا مانع لدي أن أهديها إليكم باعتباركم تعملون في مجال الطبع والنشر والصحافة والإعلام".
ويضيف كذلك: "قلت له كيف لنا أن نرى الخريطة؟، فأتى بها في الساعة الثانية من مساء ذات اليوم، إذ كانت مغلفة بشكل محكم وموضوعة في كيس قديم يعود للعهد العثماني.
ويقول بدر خان أيضا: إنه "حين أتى أبو عماد بها، رأيناها خريطة مصنوعة من جلد حيواني ومؤلفة من 16 قطع مختلفة بطول متر وارتفاع 70 سم، وقد طبعت في المطبعة الأمريكية بلبنان ومؤشر فيها تاريخ الطبع وهو 1897، ومما شد انتباهي حقا أن الخريطة فصلت بشكل رائع حدود جنوب كردستان".
ويضيف "في الحقيقة أخفيت انبهاري عن الرجل كي لا يتراجع عن عرضه، فلقد أخبرته دون اكتراث بأنها شيئ جيد، ولكننا نملك العديد منها، غير أن ما تميز نسختك أنها ملونة وباهرة، فما كان له إلا أن يقول: إنها هدية لك، فانطلقتُ بها في الصباح الباكر إلى مدينة أربيل ثم السليمانية، فعرضتها على السيد فريد أسسرد وجمال عبدول، وأخبرتهم بأني وجدت خريطة غاية في الروعة".
ومما كان لافتا ومهما بالنسبة لبدر خان، كيف بوسعه اللقاء بمام جلال وتسليمه الخريطة، لذلك يقرر زيارة مكتب الرئيس طالباني، ويقول بدر خان: "حينها كان آراس الشيخ جنكي مسؤول المكتب، أخرجت الخريطة ليراها فقال: إنها مهمة حقا، وطلب مني أن أذهب حالا مع مجموعة من السيارات للإتيان بالرجل صاحب الخريطة للحديث معه حول الأخير، لكنني توجهت إلى الموصل بسيارة أجرة للقاء أبو عمار من جديد، أخبرته أن مكتب مام جلال يقدم لك الشكر الوافر، ويرغبون لقاءك لتقديم الشكر بشكل شخصي، كان مترددا بالبداية في المجيئ خوفا من الأوضاع الأمنية وقتها، لكنه كان متلفها للحضور أيضا، وبالفعل عدتُ وعاد معي أبو عمار إلى السليمانية وتحديدا مكتب الرئيس مام جلال، تم تكريمه هناك بمبلغ 10 آلآف دولار وبندقية من نوع كلاشينكوف مع الكثير من عبارات الشكر والعرفان".
وضعت الخريطة في نهاية المطاف بين يدي مام جلال الذي كان مندهشا مما رأى، ووصف الحصول عليها بالعمل المهم والعظيم، ويقول حميد بدر خان إن "مام جلال أهدانا لقاء الخريطة حاسوبا وطابعة وذاكرة سريعة لمؤسسة بدر خان، ناهيك عن الكثير من الإشادات وعبارات الامتنان لقاء ما قمنا به، كوننا رفضنا العطايا المادية".
تسلم مام جلال الخريطة وقال إنها وثيقة مهمة تثبت كوردستانية تلك المناطق، وينبغي إطلاع العام بأسره عليها، لذا استعرض الخريطة في مجلس الحكم يوم التاسع من شباط عام 2004، فالخريطة بالرغم من أنها حققت كردستانية كركوك وسنجار وخانقين والمناطق الأخرى، رسمت حدود الأجزاء الثلاثة الأخرى من كردستان وأشارت بالتفصيل إلى سائر مناطق وبقع كردستان.